ارتفاع حاد في حالات الحصبة في أوروبا – أرقام قياسية منذ 25 عامًا

ارتفاع حاد في حالات الحصبة في أوروبا – أرقام قياسية منذ 25 عامًا

تشهد أوروبا ارتفاعًا حادًا في عدد حالات الإصابة بالحصبة، حيث من المتوقع أن يتضاعف العدد مقارنة بالعام السابق. وفقًا لتحليل أجرته منظمة الصحة العالمية (WHO) ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، تم تسجيل أكثر من 120 ألف حالة، وهو أعلى رقم منذ أكثر من 25 عامًا.

الحصبة تعود بقوة بعد سنوات من الانخفاض

انخفضت حالات الحصبة في أوروبا بشكل تدريجي منذ عام 1997، حيث تم تسجيل حوالي 216 ألف حالة حينها. وبحلول عام 2016، وصل العدد إلى أدنى مستوياته عند 4440 حالة فقط. إلا أن عامي 2018 و2019 شهدا ارتفاعًا ملحوظًا في الإصابات، قبل أن تنخفض مجددًا.

لكن في عام 2024، شهدت أوروبا وآسيا الوسطى ارتفاعًا غير مسبوق، حيث تم الإبلاغ عن 127,350 حالة في 53 دولة، وهو ما يمثل ضعف العدد المسجل في 2023، مما يجعله أعلى معدل إصابة منذ 1997.

الأطفال الأكثر تضررًا

تشير التقارير إلى أن 43% من المصابين كانوا من الأطفال دون سن الخامسة، مما يعكس خطورة الوضع على الفئات العمرية الأصغر. ويعود ذلك إلى عدم حصول عدد كبير من الأطفال على اللقاحات الضرورية، مما جعلهم أكثر عرضة للإصابة بالفيروس.

انخفاض معدلات التطعيم أحد الأسباب الرئيسية

أفادت منظمة الصحة العالمية واليونيسف أن السبب الرئيسي لارتفاع الحالات هو تراجع معدلات التطعيم، خاصة بعد جائحة كورونا، التي أدت إلى تعليق حملات التطعيم الروتينية في العديد من الدول.

ولكن حتى قبل الجائحة، لم تكن بعض الدول تضمن تطعيم جميع الفئات السكانية، مما أدى إلى تراكم فجوة في المناعة. وتشير الإحصائيات إلى أن 500 ألف طفل في أوروبا وآسيا الوسطى لم يتلقوا الجرعة الأولى من لقاح الحصبة خلال عام 2023.

الدول الأكثر تضررًا

سجلت رومانيا أكبر عدد من الإصابات العام الماضي، حيث بلغ عدد الحالات 30,692 حالة، تلتها كازاخستان بـ 28,147 حالة.

أما في منطقة الشمال الأوروبي، فقد سجلت السويد 37 حالة إصابة، وهو أعلى عدد يتم تسجيله في البلاد منذ سنوات. ووفقًا لوكالة الصحة العامة السويدية، فإن معظم هذه الإصابات جاءت نتيجة انتقال العدوى من الخارج، حيث عاد المسافرون من رحلات دولية حاملين للفيروس.

ضرورة تعزيز حملات التوعية والتطعيم

أكدت منظمة الصحة العالمية واليونيسف أن الحل الوحيد لمكافحة تفشي الحصبة هو ضمان حصول الجميع على التطعيم. ويتطلب تحقيق مناعة القطيع أن تكون نسبة التغطية بالتطعيم لا تقل عن 95%، وهو ما لم يتحقق في العديد من الدول خلال السنوات الأخيرة.

إضافة إلى ذلك، أشار الخبراء إلى أن المعلومات المضللة والشكوك حول اللقاحات، التي تنتشر على منصات التواصل الاجتماعي، تساهم أيضًا في انخفاض معدلات التطعيم بين بعض الفئات.

التصدي للفيروس مسؤولية جماعية

حذرت بيرنيلا بارالت، الأمينة العامة لمنظمة اليونيسف في السويد، من خطورة الوضع قائلة:
“لا يمكن لأي بلد أن يكون آمنًا تمامًا، لذا من الضروري العمل على توعية الجميع بأهمية اللقاحات وضمان وصولها إلى كل الفئات في المجتمع.”

كما أكدت تينا كرافورد، رئيسة برامج التطعيم في الوكالة السويدية للصحة العامة، أن الأرقام المسجلة عالميًا تدعو للقلق، لكنها أوضحت أن الوضع في السويد لا يزال تحت السيطرة.

ضرورة اتخاذ إجراءات سريعة

مع استمرار ارتفاع عدد الإصابات، بات من الضروري اتخاذ إجراءات عاجلة تشمل:

  • إطلاق حملات توعية واسعة لتعزيز الثقة في اللقاحات.
  • تسهيل وصول اللقاحات إلى جميع الفئات، خاصة الأطفال في المناطق الأكثر تضررًا.
  • العمل على مكافحة المعلومات المضللة حول التطعيمات المنتشرة على الإنترنت.

يبقى التطعيم الوسيلة الأكثر فاعلية لمكافحة تفشي الحصبة، ومن الضروري أن تعمل الحكومات والمنظمات الصحية على ضمان حصول الجميع على اللقاحات اللازمة للحفاظ على الصحة العامة والحد من انتشار المرض.

تعليقات (0)
إغلاق